بقلم | عبد الرزاق حمدون
أن تواجه الانتقادات التي وجّهت إليك بكل احترافية ورمي كل شيء خلف ظهرك فهو دلالة على قوّة شخصيتك كيف لو كان ردّك قوياً وبلهجة شديدة المعنى وبلغةٍ يفهمها كل من يتابع كرة القدم وتسكت أول من انتقدك.
منذ إعلان نادي برشلونة الإسباني الصيف الفائت عن تعاقده مع البرازيلي باولينيو تعالت الانتقادات التي طالت إدراة برشلونة والمراهنة على فشل هذه الصفقة لأنها تحمل الكثير من المعطيات السلبية في نظر الكثيرين خاصّةً أنه قادماً من غوانزهو الصيني بصفقة حملت الكثير من الغرابة سواء من وجهة الانتقال والسعر الذي دفعته إدارة النادي الكتالوني من أجل ضم لاعباً لم تكن تجربته الأوروبية السابقة بالجيدة في توتنهام الإنجليزي، بـ لاعبٍ يبلغ من العمر 29 عاماً أي ليس بالموهبة الشابة كما تبحث إدارات الأندية حالياً.
رهان نجاح النجم البرازيلي لم يؤمن به سوى هو نفسه ومدرّبه الإسباني إرنستو فالفيردي الذي يعتبر السبب الأول في نجاح صفقته الجديدة في سماء الليغا، باولينيو قدّم حتى الآن نصف موسم خيالي مع برشلونة كان كفيلاً لكي تنهال عليه كل جمل المديح من نفس الأقلام التي ذمّته مسبقاً، ردّاً قوياً من نجم لديه حس عالي من الاحترافية لا يكترث لكلام الجميع ويضع جُل تركيزه في أرضية الميدان.
الشمولية في الأداء
كرة القدم هي لعبة جماعية تعتمد على مجموعة من اللاعبين يتقاسمون المهام فيما بينهم “الدفاعية والهجومية وصناعة اللعب ونقل الكرة…”، إذاً أشبه بالسلسة المتكاملة والمتجانسة، كيف لو كانت معظم هذه الصفات موجودة في لاعب واحد؟.
يمتاز باولينيو بطول قامة وبنية جسمانية عضلية تساعده على الالتحامات وقطع الكرات في النواحي الدفاعية والدفاعية البحتة حيث تشير أرقامه في هذا الشق إلى أنه ينجح في قطع الكرة من الخصم بنسبة 1.9 من 2.8 محاولات كل 90 دقيقة عدا عن نسبة اعتراضات جيدة وصلت 0.6 خلال الدقائق التي شارك بها علماً أن باولينيو شارك كـ بديل أكثر من أساسي هذا الموسم .
في الناحية الهجومية كان له الكلمة العليا وهذا ما ميزه حتى الآن، أرقام باولينيو في الجانب الهجومي تعطينا فكرة عن الشهية التهديفية التي يتمتع بها متوسط ميدان منتخب البرازيل، يكفي أن نذكر سجله التهديفي مع برشلونة برصيد 7 أهداف متفوّقاً على معظم نجوم الليغا الإسبانية وفي دور صناعة الأهداف ساهم بهدفين، وفي مجال مراوغة الخصوم حقق رقماً مميزاً .
جوكر وسط الميدان
اللعب في أكثر من مركز إضافة كبيرة لأي لاعب كرة قدم، وأن يقدم مستويات جيدة في كل مركز فهذا يعطي دلالة على جودة وقيمة اللاعب الفنية العالية وحسه الوجودي في المكان الصحيح، باولينيو أعطى راحة تكتيكية للمدرب فالفيردي حيث شغل البرازيلي معظم مواقع وسط الميدان “وسط دفاعي_ لاعب محور_ صانع ألعاب_الجهة اليمنى”، وبتقييم إجمالي في كل مركز وصل لـ 7.0.
الإنسجام السريع
استغلّ فالفيردي خاصية نجمه الجديد في سرعة التفاهم والتأقلم على طريقة لعب برشلونة وماهي إلا مراحل معدودة من الليغا وفي ظل غياب الفرنسي ديمبيلي بسبب الإصابة، أصبحنا نشاهد باولينيو بشكلٍ أو بآخر هو الضلع الثالث لهجوم برشلونة مع ميسي وسواريز، حتى في أهم المباريات كـ الكلاسيكو مثلاً شغل باولينيو المهاجم الوهمي عدا عن اللامركزية في خط الهجوم ليشغل دفاعات الريال ونجح بذلك وكأنه يلعب مع برشلونة منذ فترة زمنية طويلة.
صفقة باولينيو إلى برشلونة دخلت التاريخ من أوسع أبوابه حيث سجّلت لأول انتقال لاعب من الدوري الصيني إلى دوري أوروبي مع نادي كبير، لكن التاريخ الذي كتبه متوسط ميدان البرازيل بتألقه السريع كان أكثر وقعاً من صدى الإعلان عن صفقته في أول مراحلها وأعاد رونق اللاعبين البرازيليين في صفوف جماهير برشلونة الجريحة من مواطنه نيمار المنتقل إلى باريس سان جيرمان الفرنسي.