ايطاليا

أنا أندريا الجزء الأول

بقلم | عبد الرزاق حمدون

 

‎يدمج بين كرة القدم وفنون أخرى يسعى دائماً ليعطي اللعبة بأجمل حُللها، ينسج أجمل الرسمات وأعذب الألحان ويوزّع الكرة ‏لزملائه كأنّه مايسترو أمام فرقةٍ موسيقية يعطي المهام للعازفين، لاعبٌ يتمنى أي شخص صداقته واللعب بجانبه في ملعبٍ واحد ‏لما يضيفه لكرة القدم، هو المهندس المعماري البعيد عن ورشات البناء وأجهزة الحواسيب، يبنى كل شيء بطريقةٍ أسرع وفي كل ‏لمسة يترك بصمة جديدة، هدوءه واتزانه في الملعب قد يتحول إلى لحظة جنون كأنه ركون بركان قد ينفجر لاحقاً، لعب لكبار ‏إيطاليا ” يوفنتوس_ميلان_انتر ميلان” حقق دوري الأبطال في مناسبتين وكأس العالم مع منتخب بلاده إيطاليا هو آخر ما تبقى من ‏أساطير خط الوسط هو أندريا بيرلو.

الثري والقائد الواثق من نفسه والمحُارب من أقرانه
في التاسع عشر من مايو حزيران من العالم 1976 ولد أندريا بيرلو في مدينة فليور قريبة من بريشيا الإيطالية، لكنه لم يكن مثل ‏باقي لاعبي كرة القدم الذين يسعون لجمع المال من هذه اللعبة وتحوليها لمهنة، فهو ينحدر من عائلة غنية جداً وولداه مؤسس شركة ‏‏”إلغ ستيل” للمعادن في مدينة بريشيا وأسسها عام 1982، ولا يزال بيرلو يحتفظ بأسهم له فيها.‏

شفغه بكرة القدم بدأ معه منذ نعومة أظافره حيث كانت تقول والداته ليديا بيرلو أنه في أوقات العطلة عندما كانت تجتمع العائلة دوماً ‏نرى الكرة معه ويلعب بها حتى أوقات متأخرة من الليل مع أخيه إيفان، حبّه لهذه اللعبة جعل والديه ينويان ضمّه إلى نادي فليور ‏وهو في سن السادسة من عمره، وبعد ثلاث سنوات انتقل إلى نادي فولونتاس مع المدرب روبيرتو كليرتشي أحد أفضل كشافة ‏المواهب في إيطاليا بعدما اجتمع مع بيرلو لأول مرّة في مباراة نهائية جمعت فليور وفولونتاس وفاز بها الأخير 8-0 لكنّ ذلك ‏الانتصار الساحق لم يمنع كليرتشي من مراقبة بيرلو ليقرر بعدها نقله لفريقه فولونتاس، وفي سن الثالثة عشر شارك مع فئة تكبره ‏بعامين ومع ذلك فقد كان كابتن الفريق لشخصيته القيادية وقدرته على مواجهة الجميع وفي أحد المباريات اجتمع بزملائه وقال لهم ‏‏«هذه ليست رحلة مدرسية، نحن هنا من أجل الفوز، لذلك حري بنا أن نلعب بأفضل شكل ممكن لتأمين الانتصار».‏

ثقته الزائدة كانت تترجم برودة أعصابه حتى في أحنك الظروف تماماً كـ تلك أمام انجلترا في يورو 2012 عندما سدد الكرة ‏بطريقة هادئة أمام الحارس جو هارت، وتذّكر مدرّبه كليرتشي حادثة مماثلة لها في عام 1992 في إحدى البطولات مع فولونتاس ‏وصلت المباراة إلى ركلات الجزاء، وبالرغم من صغر سنّه لكنّ تقدّم لتسديد الكرة وسط المشاعر المختلطة حوله وانتظار ولهفة ‏الجميع لتسديدته الأخيرة، وضع الكرة تحت إبطه وتوجه نحو الحارس بكل دم بارد، وسدد الكرة على طريقة بانينكا وأسقط الجميع قتلى .

‏4 أعوام في فولونتاس كانت كفيلة لصقل موهبته الواعدة هذا ما جعل الكثير من الأندية الكبيرة بالاهتمام به وبدأت بإرسال كشّافيها ‏ومدربيها لمشاهدته وهو يلعب، لكنّ إصرار مدرّبه كليرتشي على انتقاله إلى نادي بريشيا حال دون خروجه من المدينة لينضم إلى ‏فريق الشباب في بريشيا ويبدأ مرحلة جديدة بحياته كانت مليئة بالمشاكل على مستوى الزملاء الذين شعروا بأن بيرلو يفوقهم في ‏اللعب وغيرتهم دفعتهم في إحدى المباريات إلى عدم التمرير له حتى شعر أندريا نفسه أنه شبحاً وكان يسمع صيحات أهاليهم ‏يقولون له هل تظن نفسك مارادونا !.‏

‏4 مواسم قضاها مع بريشيا في فريق الشباب حتى تمكّن من المشاركة لأول مرة في دوري الدرجة الأولى عام 1995 وهو في ‏السادسة عشر من عمره ليكون أصغر من يمثل بريشيا في السيريا آ.‏

تحقيق الحلم ولكن !‏
لكل لاعبٍ صغير هناك قدوة له ونجم يريد أن يحتذى، ولو فتشنا في حياة بيرلو سنجد أن قدوته كان النجم الإيطالي روبيرتو باجيو ‏إضافةٍ على ذلك فكان يطمح لكي يرتدي قميص نادي انتر ميلان، ولأن أندريا كان متميّزاً مع بريشيا في تلك الفترة جعل إدارة ‏النيراتزوري بالتوقيع معه ولحسن حظّه فكان باجيو أيضاً أحد صفقات الانتر قادماً من بولونيا.‏
في انتر ميلان واجه أندريا الكثير من الصعوبات في إثبات أحقّيته ضمن التشكيلة الأساسية خاصّة أنه كان يشغل مركز صانع ‏الألعاب خلف المهاجم أي نفس مركز روبيرتو باجيو ومع تواجد كل من الظاهرة رونالدو ونجم كبار في تلك الفترة كان من ‏الطبيعي فشله ليخرج في عامه الثاني معاراً إلى ريجينا وفي الموسم الثالث عاد إلى ناديه بريشيا حتى عام 2001