بقلم | عبد الرزاق حمدون
انطوت أول قصة رياضية تابعتها في حياتي، كانت ذكرى قاسية كأول مرّة أشاهد فيها فريقاً أحببته يخسر لقباً، سنّي الصغير لم يشكل عائق أمامي للتعبير عن تعاطفي مع البرازيل في مونديال 1998، خسارة النهائي ظلّ صامداً في ذاكرتي أربع سنوات.
2002 ها قد تقدّمت في العمر عن المونديال السابق وأصبحت أكثر وعياً، كنت أنتظر أعداد المجلات الرياضية التي كان يحضرها أبي للمنزل لأجمع كل ما أقدر عليه لإشباع جعبتي الرياضية ولكي أكون مُلماً في كل ما يخص هذه الكأس، صور اللاعبين تشكيلات المنتخبات رُزنامة البطولة ترتيب المجموعات والحساب اليدوي على دفتري الصغير الذي أصبح كبيراً في حساب النقاط والأهداف المسجلة.
كوريا واليابان هما البلدين المستضيفين، مونديال آسيوي “عبارة سمعتها” كانت مهمّة لمحصّلتي الرياضية الصغيرة.
العدوّة اللدودة “فرنسا” خسرت الافتتاحية بهدف أمام السنغال، بداية مشوّقة لهذه البطولة، فريقي المفضل متصدّراً لمجموعته بالعلامة الكاملة، لكن هذا لم ينسيني الصراع في المجموعة السادسة بين “السويد وانكلترا والأرجنتين”لتكون الكلمة الحسم للدولتين الأوروبيتين على حساب راقصي التانغو، في الواقع هذه الثقافة الكروية كنت أسمعها من والدي وأذهب لدفتري الصغير لأدونها، مثل خسارة السعودية التاريخية أمام ألمانيا 8 صفر! نعم ألمانيا كانت مرعبة الجميع في ذلك المونديال وهنا تعرّفت على كلمة ماكينات ألمانية!
البرازيل تتخطى بلجيكا في دور ال 16 بهدفي نجمي المفضلين “رونالدو وريفالدو”، مباراة الدور القادم أمام الانكليز ولديهم منتخباً قوياً “قال والدي”، لديهم فريق مثالي، كلامُ أبي كان مفهوماً لأن مايكل أوين سجل للانكليز أولاً، لكنّ أبطالي قد ازداد عددهم في تلك المباراة بهدف ريفالدو ثم ورونالدينيو الخارق الذي جلعني أقفز فرحاً.
تركيا العنيدة والشريكة في المجموعة كانت خصمنا في النصف النهائي لكنّ نجمي الأول “رونالدو” أنهى كل شيء ليقودنا للنهائي الثاني على التوالي، كم أنا محظوظ فبالرغم من صغري لكنني كنتُ شاهداً على نهائيين لفريقي المفضل.
ملعب اليوكوهاما الشهير التوقيت ليلاً هناك وظهراً في سوريا، التوتر كان عالياً، سكون أبي كان خوفاً من صدمةً ثانية أتلقاها في هذا العمر، ألمانيا العنيدة والتي قدّمت منتخباً منظماً طيلة البطولة هي الخصم لنا في هذا النهائي، ثقتي بنجومي كانت كبيرة وهذه المرّة تفوّقت على ابي وقلت له أننا من سنربح وأن رونالدو سيسجل هدفين.
منذ البداية كانت البرازيل الطرف الأفضل وكنت أقفز مع كل فرصة يضيعها رونالدو بوجود السد العالي أوليفر كان.
هذا اللاعب لديه مستقبلاً باهر “أبي يصف رونالدينيو” الذي كان يجول الملعب ويوزع كرات من ذهب لرونالدو، ضياع الفرص وعارضة كليبرسون فائلتني قليلاً لكنها زادت من قلقلي بعد كل تلك الفرص أن تخسر البرازيل !! سارع بطلي رونالدو لإنقاذي في الدقيقة 67 مستغلّاً خطأً قام به الحارس كان ليحرز أول الاهداف، تاولت الدقائق ليثبّت بعدها النتيجة بهدفٍ ثانٍ بطريقة رائعة هدفاٍ لن أنساه في حياتي كيف موّه ريفالدو وجعل الكرة تتهادى أمام رونالدو يسجلّها بحرفنة الكبار ليؤكد أنه هدّاف المونديال ب 8 أهداف !
ارفعها يا كافوو قبّلها يا كافو اجعلني أفرح يا كافو، تعبي لهذا المونديال لن يذهب سدى يا كافو نعم هي فرحة العمر لولد لم يتجاوز عامه الثاني عشر .