سوريا تصفيات كأس العالم

تحليل : ردة فعل سوريا يجب أن تبدأ من الآن

في مباراة متقلّبة الأجواء وأمام جماهير إيرانية فاقت الـ 50 ألف متابع جاءت لتحتفل مع منتخبها الذي ضمن التأهل لكأس ‏العالم، ‏كان الجمهور السوري أيضاً على موعد مع الفرحة عندما سجّل عمر السومة هدف التعادل في الدقيقة 93 الذي أحيا الأمل ‏من ‏جديد ونشر التفاؤل في قلوب جميع السوريين بشتى أنحاء العالم.‏

يستمر المسلسل السوري في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم وإن أصبح معقّداً بعض لكن الشعب السوري وكما ‏عودنا ‏دائماً يتمسك بأي شيء يبعث البسمة والسرور ويوحدهم ولو كان رياضياً، لهذا السبب أصرّ نسور قاسيون على إكمال الحلم ‏الذي ‏رسموه منذ بداية التصفيات بتعادل وفي أصعب ملاعب القارّة الصفراء، تعادل كلّف الكثير من ملعب آزادي في العاصمة ‏الإيرانية ‏أمام منتخب عتيد لم تتلقى شباكه أي هدف طيلة التصفيات لتهتز عبر نجوم سوريا مرتين كافيتين لنقلهم إلى ملحق آسيا مع ‏ثالث ‏المجموعة الثانية “المنتخب الإسترالي”.‏

بعد التقدم السوري في بداية الشوط الأول رفع سقف التوقعات لجماهير المنتخب فأصبح حلمهم حقيقة طيلة دقائق الشوط ‏الأول ‏وكانوا قاب قوسين أو أدنى من وضع قدم مباشرةً هناك في روسيا 2018، لكن لولا بعض الأخطاء الفردية الساذجة ‏والتسرع ‏وضغط حجم المباراة أثر على تركيز بعض اللاعبين لتتقلى شباك العالم هدفين متتاليين، ضياع الحلم مؤقتاً لربما فيه ‏حكمة سماوية ‏لتذكر القائمين على المنتخب بتدارك الموقف قبل فوات الآوان ويجب العمل منذ اليوم وعدم النوم في عسل التعادل ‏مع إيران لأن ‏الوقت لا ينتظر أحد.‏

– تحوّل في نقاط القوة والضعف
منذ بداية التصفيات الآسيوية كانت السمة الدفاعية هي من تميّز المنتخب السوري حتى أنها كانت تطغى على المستوى ‏الهجومي ‏وتعطي دلالة على ضعف الشهية التهديفية لكل من الخريبين والموّاس وبقية المهاجمين السابقين، لكن مع قدوم السومة ‏والخطيب ‏اللذان حوّلا مركز القوّة من الدفاع للهجوم، والدليل أن منتخب سوريا في آخر مواجهتين أمام قطر وإيران سجّل 5 ‏أهداف منها ‏اثنان في شباك إيران العنيدة، لكن بظل المد الهجومي ظهرت ثغرات دفاعية خاصّة في غياب أحد قلبي الدفاع “الصالح ‏والميداني” ‏توالياً، عدا عن أخطاء التمركز عند بعض الأظهرة ليتركوا خلفهم شوارع كثيرة يستفيد منها الخصوم، ضياع وتشتت ‏في وسط ‏الميدان بدءاً من الإرتكازيين مروراً بلحظة خروج الخطيب وكأن الوسط يتخلخل بشكل تلقائي وتصبح اللعبة أشبه ‏بعشوائية، يجب ‏العمل والسريع على تدارك الموقف بأي شكل من الأشكال لأننا أمام أوقات صعبة وعصيبة.‏ ‏

– الإستعانة باللاعبين ‏
تعاقب على المنتخب السوري في الفترة الزمنية القريبة لاعبون كُثر سواء في هذه التصفيات أو غيرها أو حتى في بطولات ‏قديمة ‏‏”جهاد الحسين، محمود الآمنة، حمدي المصري، جهاد الباعور، أحمد ديب، عبدالله الشامي….”، لو أراد القائمون على ‏الرياضة ‏السورية وكرة القدم هناك التأهل لكأس العالم فيجب على الأقل استدعاء هؤلاء اللاعبين أو بعضهم يضمن الفائدة الإيجابية ‏لنسور ‏قاسيون ويقدم العون لسوريا وشعبها‎. ‎تجميع لاعب المنتخب لأكثر وقت ممكن هنا تكمن مهمّة الاتحاد في التواصل مع أندية اللاعبين بشكل واقعي وقوي وبموقف الحق بالاستعانة بنجومه في مثل هذه الأوقات‎.‎

– أرض سهلة
في ظل العقوبة الآسيوية على سوريا ومنعها اللعب في دمشق أو حلب يجب السعي والبحث عن ملعب في بلدٍ يضمن لك ‏تواجد ‏على الأقل 10 آلاف سوري على مدرجاته لكي تشكّل صيحاتهم الحافز الأكبر لنسور قاسيون وليكونوا اللاعب الرقم 12 ‏في ‏الملعب، وعلى ما يبدو أن العراق أفضل الموجود والمتوفر حتى الآن.‏ ‏

– الداعم المالي
لو كنت لاعباً في المنتخبات السورية ستعلم جيّداً الشح في السيولة المالية والقدرة المحدودة داخل أروقة الإتحادات هناك، ‏لذا ‏يستدعى من القائمين على الإتحاد السوري لكرة القدم البحث بشكلٍ جدّي على شركة أو شركاتٍ قوية داعمة للمنتخب السوري قادرة ‏على ‏إقامة معسكر خارجي ولعب مباريات ودّية على الأقل قبل لقاء الملحق المصيري‎. ‎

– تكاتف جميع الخبرات‏
سوريا أمام لحظات تاريخية وصعبة من شأنها أن تعيد الدولة إلى ماضيها العريق وتحدد مستقبله القريب ولربما يكون التأهل التاريخي لكأس العالم أحد الحلول ‏للأزمة الاجتماعية التي قد تنشأ عن مثل هذه الحرب، لذا على الجميع الوقوف خلف المنتخب ودعمه سواء بخبرات فنّية أو تحكيمية أو نفسية لتحمل الضغوط وتحفيزه ‏بشكل كبير.‏

سوريا وكما ذكرنا أمام مرحلة خطيرة ومنعرج أكبر في تاريخها الطويل والعريق لذا ردّة الفعل بعد تعادل إيران يجب أن ‏تكون ‏مدوّية وقادرة على صنع منتخب بإمكانه تحويل الحلم إلى حقيقة.‏