ساعات قليلة تفصل سوريا عن أهم حدث في تاريخ الرياضة السورية بشكل عام وكرة القدم خاصّةً، ساعات قليلة وتبدأ مباراة العمر كما وصفها وزير دفاع نسور قاسيون “أحمد الصالح”، ساعات قليلة وسيتوحد جميع السوريين بمختلف مذاهبهم وتوجهاتهم وطوائفهم وتتكاتف الأيادي وتتشابه المشاعر والدعوات لنصرة ٢٣ لاعباً يمثلون كافة الشعب السوري بمختلف أطيافه، ساعات قليلة وستندمج الدموع مع فرحة بإدن الله، فرحة طال انتظارها لشعبٍ أتعبته وأثقلته الحرب والأزمة التي ألمت به.
حلم التأهل لكأس العالم أصبح شبه حقيقة ولم لا وبعزيمة وبهمّة نسور قاسيون بإمكانهم تحويله لحقيقة هناك في طهران يوم الثلاثاء، حقيقة راودت السوريين في ثمانينيات القرن الماضي لكن كابوس العراق الشقيق كان ضد الفرحة السورية آنذاك.
شاءت الأقدار أن تعود هذه اللحظة التاريخية بعد حرب وأزمة ودمار ووجع للبلد الذي شعبه يعشق الحياة بكل ألوانها، جاءت بعد سبع سنوات من التفرقة والنزاعات الداخلية لتذكرنا أننا سوريين أولاً وآخراً، أننا نعشق كل ما يتعلق بذلك البلد أو من يرفع اسمه عالياً في أي مجال وأي اختصاص، كيف لو كان بكرة القدم؟ كيف لو كان بالمعشوقة الأولى؟ لكي يقف مشجعي ريال مدريد وبرشلونة والكالتشيو الايطالي والبريميرليغ الإنكليزي والكرة الألمانية وسحر الهولندية جنباً لجنب لخلع عباءة التشجيع الخارجي وارتداء الكبرياء والعنفوان السوري المدموج والمدعوم بعزيمة لاعبي المنتخب الوطني ومعنوياتهم الكبيرة لفعل أي شيء يسعد شعبهم.
ها هي دمشق الآن تترقب بشغف ولوعة الخبر السار والمنتظر بأقدام أبناءها من طهران لتلبس أجمل الأثواب في شوارعها لاستقبالهم بأجمل حلّة تليق بأبطال سوريا الحقيقين، أبطال سيعيدون سوريا إلى الخارطة العالمية، سيكتبون أسماءهم هناك في روسيا بأبجدية أوغاريت وسيعرفون الجميع بالحضارات التي تناوبت على بلدهم الفتي والمعطاء الذي لا يموت.
أخيراً مهما كانت النتيجة وظروف الجولة الحاسمة لا يسعنا سوى أن نقول لرجال المنتخب السوري “شكراً لكم” على كل ما قدمتموه لنا لإعادة الفرح لقلوبنا والتفاؤل مجدداً، شكراً لكل قطرة عرق بذلتموها لجعلنا نحلم معكم وبإذن الله سيتحقق الحلم ونرى علم واسم سوريا عالياً هناك في روسيا 2018.