سوريا كأس العالم

هدنة سوريا الحقيقية !

بعد سبع سنوات من الحرب والدمار والتشريد، سبع سنوات من الحزن والألم لشعبٍ يحب الحياة بكافة ألوانها، ، بعد سنين ‏عجاف من المحاولات السياسية البالية لإيقاف تلك المظاهر السوداء ومؤتمرات عالمية في مدن أوروبية وعالمية، جاءت الفرحة والأخبار ‏السارّة بنكهة رياضية آسيوية تحديداً من ماليزيا لتختصر المسافات الشاسعة بلمح البرق وتصب في سوريا وشوارع مدنها التي ‏أتعبتها الأزمة التي حلّت على البلد والتي نسيت معنى الفرح منذ زمن قريب.‏

Yes we can
‏ ‏ بهذا الشعار دخل لاعبو المنتخب السوري لقاءهم المصيري أمام نظيرهم القطري ضمن المرحلة التاسعة وقبل الأخيرة من ‏التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال روسيار2018، دخلوا المباراة بإيمان وعزيمة وإصرار على إسعاد جميع السوريين في كافة ‏أبقاع الأرض، عازمين على رسم بسمة وفرحة لطالما غابت سنين على محيّى الشعب السوري الذي ذاق الأمرّين في تلك الأزمة، ‏وبالرغم من بعد المسافات لكنهم كانوا مصممين على إنعاش أمل الحياة للشعب الذي يساندهم من خلف الشاشات.‏

لم يتأثروا بغياب القائد أحمد الصالح في هذه المواجهة المصيرية، ولم تنل من عزيمتهم إصابة عمرو ميداني بل زادتهم ثبات وقوة ‏على تعويض خروجه بالفوز الغالي والمنتظر الذي تحقق مع ثنائية الخريبين وتعزيزها بالثالث عبر الموّاس وبخبرة الخطيب ‏وعودة السومة المنتظرة، لتنطلق الأعراس من ملعب هانج جيبات من ماليزيا إلى سوريا بكافة مدنها لتنشر عطرها على جميع ‏السوريين المشرّدين في أنحاء العالم والمتعطّشين لفرحة خرجت مع صرخة وجع.‏

الحلم يكاد يصبح حقيقة
جاءت نتائج الجولة التاسعة من التصفيات لخدمة المنتخب السوري فبعد انتصارهم الكبير على المنتخب القطري، قدّمت الصين ‏هدية من ذهب لسوريا بفوزها على أوزبكستان 1-0،ليصعد نسور قاسيون للمركز الثالث بفارق الأهداف عن المنتخب الأوزبكي، ‏ليرتفع بذلك سقف الطموحات والآمال والأحلام للتأهل المباشر لكأس العالم التي أصبحت مشروعة للمنتخب السوري أكثر من أي ‏وقت مضى والمرهون بفوز لا بديل عنه في الجولة الأخيرة أمام المنتخب الإيراني “متصدّر المجموعة” والذي حسم تأهله المباشر ‏لروسيا 2018، على أن تخسر كوريا من أوزبكستان بفارق أقل من نتيجة سوريا وإيران، أما السيناريو الأمثل فيتمثّل بتعادل ‏أوزبكستان وكوريا وفوز المنتخب السوري على إيران في طهران.‏

كلمة أخيرة
هنا في هذه الفقرة سنتوجه برسالة شكر وامتنان للاعبين أو المحاربين الذين يبذلون كل ما لديهم وفوق طاقتهم لإعادة الأمل والفرح ‏للشعب، وبالرغم من كل الأمور السلبية التي حصلت من تحضير متوسط ومعسكرات محدودة ومشاكل لاعبين كانت قد حُلّت آخر ‏التصفيّات، لكن أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي، شكراً لكم ولكل قطرة عرق وجهد عضلي بذلتوه من أجل شعبكم الصامد خلفكم ‏في السرّاء والضرّاء، شكراً لكم لأنكم جعلتمونا نحلم معكم وجولة بعد أخرى الحلم سيصبح حقيقة ونذهب معكم إلى روسيا 2018.‏ الهدنة التي عقدها المنتخب السوري لكرة القدم وكيف وحدّت نتائجه الإيجابية في التصفيات كافة أطياف الشعب السوري، عجزت ‏عنها مجالس السياسة وطاولات الحوار التي أُبرمت سابقاً بين الأطراف المتنازعة في سوريا سواء في أستانة أو جنيف، لكن دائماً ‏وأبداً تبقى الرياضة خير رسالة للسلام وكيف أن مباراة واحدة من شأنها أن تصلح الكثير والتاريخ يذكر لنا مشاكل سياسية بين دوّل ‏انحلت بلقاء كرة قدم ودّي.‏