لأن المشاكل لا تأتي فُردا كما يُقال دائماً في كل عصر ومكان، ولأنها لا تعرف لا كبير ولا صغير، هجمت الأزمات على نادي برشلونة الإسباني الذي يمر بأسوء لحظاته التاريخية والمليئة بالضغوطات من كل حدبٍ وصوب ليهتز الكيان الكتلوني من جديد بعد هزة رحيل نيمار، كيف لا والأمر هذه المرة يتعلّق بلاعب بحجم الأسطورة الحية ليونيل ميسي.
وضجت وسائل الإعلام بالشائعات في الساعات القليلة الماضية والتي تتحدث عن إمكانية انتقال نجم برشلونة الأول إلى نادي مانشستر سيتي الإنجليزي بصفقة قياسية تفوق تلك التي انتقل بها البرازيلي نيمار إلى باريس سان جيرمان، صفقة ستنقل موازين القوى من دوري إلى آخر وستغير خارطة كرة القدم الأوروبية من دون شك، فهل يفعلها الستيزنز ويفجر ميركاتو هذا العام والأعوام القادمة!
كما هو معروف لدى الجميع بأن الشركة المالكة لنادي مانشستر سيتي هي طيران الإتحاد الإماراتية التي يملكها الشيخ منصور بن زايد، أي أنّ الأموال التي ستضخ في صفقة ميسي الخيالية والتي من المرجح أن تفوق الـ 350 مليون يورو هي أموال خليجية إماراتية وهذه المعطيات مع ما يدور في المنطقة العربية من مقاطعة بعض الدول هناك لدولة قطر التي ساهمت بجلب نيمار من برشلونة إلى باريس، تضعنا أمام تفسير ثانٍ غير رغبة السيتي بتدعيم صفوفهم رياضياً بأفضل لاعبٍ في العالم، تفسير يقول أن الدولة الخليجية ترغب برد الصاع صاعين للدوحة حتى في المجال الرياضي، وهو مايشبه الحرب الباردة بين الدول العربية والتي انتقلت من طاولات ومنابر السياسيين إلى عالم الرياضة.
من المنطقة العربية إلى برشلونة
صراع الدول الخليجية لم يقتصر على حصار دولة قطر ومقاطعتها لبعض دول مجلس التعاون، إلا أنه قد انتقل من فلك السياسة إلى الرياضة المبطنة بأهداف سياسية بحتة ورسائل غير مباشرة بأننا الأقوى والأكثر نفوذاً في العالم، وفي ظل التطور الكبير لكرة القدم الأوروبية ودور الإعلام في تسليط الضوء على كل ما هو كبير وصغير يخص اللعبة الأكثر شعبية في العالم، وجدت هذه الدول في كرة القدم مكاناً مناسباً لفرد عضلاتها والمساهمة في انعاش اقتصادها من خلال صفقات ضخمة تدخل بها سجلّات التاريخ من أوسع أبوابه خصوصاً مع الشهرة الكبيرة التي وصل إليها البرسا في آخر عشر سنوات وظهور نجوم كان لهم الفضل الكبير بوصول ألوان النادي لكل منزل في أنحاء العالم، فكانت البداية بإنتقال نيمار إلى باريس سان جيرمان “بأموال قطرية” بملبغ وصل إلى 222 مليون يورو، ليأتي الرد صريحاً بشائعات ربطت ميسي بمانشستر سيتي “أموال إماراتية”.
الخاسر الأكبر : كرة القدم وبرشلونة
صفقات بهذا الحجم والأرقام الفلكية يراها كثيرون بأنها مؤذية للواقع الرياضي وروح الانتماء والمعنى التنافسي لكرة القدم ويجعلها مجرد سلعة ارتبطت بشكل كبير بالاقتصاد وهذا ما يزيد رغبة اللاعبين في الانتقال من أنديتهم بمجرد أنهم وجدوا أن ذلك سيعود عليهم بفائدة مالية بسيطة، عدا عن أن أسعار اللاعبين قد وصلت لأرقام تعجيزية آخرها مبابي ظاهرة فرنسا الشابة والتي وصل سعره إلى 180 مليون يورو!. ليست كرة القدم هي المتضررة الوحيدة بهذه الظاهرة بل أن نادي برشلونة “لو تمت صفقة ميسي لمانشستر سيتي” سيخسر أحد أعمدة النادي على مر العصور واللاعب الأفضل الذي مثّل ألوان البلوغرانا عبر التاريخ وهي التي ودّعت منذ أسابيع النجم البرازيلي نيمار، وفي ظل الانتكاسة الكبيرة التي يعيشها النادي فإن خروج ميسي سيشكل انحدار الفريق نحو الهاوية، فهل يطحن صراع الأموال الخليجية ألوان البلوجرانا؟ هذا ما سنعرفه في الأيام القليلة القادمة.