اسبانيا

وجهة نظر : من المسؤول عن ضياع هيبة برشلونة؟

اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي وضجّت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في الأيام الأخيرة بخبر انتقال البرازيلي نيمار دا سيلفا من ‏برشلونة الإسباني إلى باريس سان جيرمان الفرنسي بصفقة أصبح فيها أغلى لاعب بتاريخ كرة القدم والتي لم يُعرف إلى حد الآن الرقم الذي ‏وصلت إليه.‏

رحيل نيمار عن البرسا كان بمثابة مفاجأة الميركاتو الحالي للجميع ليس فقط من ناحية حجمه في السوق وإنما التوقيت الذي أتت ‏به بعدما انشغل العالم بقضية اقتراب برشلونة من التوقيع مع الإيطالي ماركو فيراتي متوسط ميدان سان جيرمان نفسه وهو اللاعب ‏الذي تجد فيه جماهير برشلونة الحل لإنقاذ الفريق من الأزمة التي طالته الموسم الماضي، لتأتي الضربة القاضية من المالك ‏القطري للنادي الفرنسي بالتوقيع مع الرجل الثاني في الكامب نو ليثبت للجميع أن الفريق الكتالوني يعيش أيام صعبة إدارياً في ‏مكاتب النادي قبل أن تنتقل لتصبح في الميدان.‏

ذكريات الزمن الجميل أين هي؟!‏
يبقى في ذكريات أي عاشق للبلوجرانا ذلك الفريق الذي أتى بكرة قدم مثالية واحتل العالم لعدّة مواسم تخت قيادة المدرب الإسباني بيب ‏غوارديولا، حينها كانت إدارة النادي بعهدة خوان لابورتا الذي أعاد النادي للواجهة العالمية تحديداً بفوزه بلقب دوري الأبطال 2006 مروراً بالإنجازات التي تلت بعدها إلى أن وصلت إدارة روسيل التي أكملت ما بدأته سابقتها من ناحية الألقاب فقط لكن دون أي تخطيط ‏مدروس لمستقبل الفريق ومواسمه القادمة.‏

شهرة برشلونة في عصر بيب ولابورتا استغلّته إدارة روسيل السابقة وبارتوميو الحالية من الناحية الاقتصادية والارتقاء بالمستوى ‏المالي للنادي على حساب مبادىء وقيم النادي العريق الرياضية، فالاهتمام بإبرام صفقات مشبوهة وجلب نجوم كفلوا خزائن النادي ‏الكثير أفقده هويته المشهور بها والتي تتعلق بصنع المواهب وصقلها في مدرسة اللامسيا، لا بل تخلّف عن منافسيه الذين استفادوا من تجربته السابقة.‏

فوضى الإعلام والصفقات والسعي نحو شهرة العلامة التجارية أدخلت برشلونة في نفق مظلم خرج منه بدون مستقبل يحافظ على ‏إرث النادي وبدأت عملية انتشار لاعبيه في شتى أنحاء أوروبا في تعاقدات افتقرت للنظرة الاحترافية والمستقبلية الثاقبة فخرج ‏تياغو ألكنتارا، بيدرو رودريغيز، سيسك فابريغاس، مارك بارترا، مونتويا، هليلوفيتش، بويان، كوينكا، ديولوفيو وكثيرين كان ‏حالهم وحال برشلونة ليكون أفضلاً لو أُعطيوا فرصاً أكثر لإثبات وجودهم في الفريق على الرغم من أنهم كانوا حاضرين بقوة في ‏مناسبات غابت بها الأسماء الكبيرة في الفريق.‏

لو عدنا لقضية خروج نيمار الذي كان يمكن استنتاجه مسبقاً من وضع قيمة ٢٢٢ مليون يورو فقط لكسر عقده، سنجد بعدها أن الجماهير الكتلونية انهالت تطالب برد الصاع صاعين وإجرءات صفقاتٍ مع نجوم صف أول لتعويض البرازيلي!، طلبات من المعتاد سماعها مؤخراً خاصة بعد ‏الحالة التي عاشتها جماهير البلوغرانا مع إدارتها بالمواسم الأخيرة في جلب لاعبين دون النظر إلى فاعليتهم ونسبة ‏انسجامهم مع منظومة برشلونة التي يتشرّبها اللاعبون منذ أول يوم يدخلون فيه أسوار اللاماسيا.‏

منظومة برشلونة لا تعتمد على خطٍ واحدٍ في الملعب ولا على لاعب أيضاً إنما نرى الفريق كأنه كتلة متجانسة واحدة ويتضح ذلك من عملية ‏نقل الكرة من الدفاع للوسط للهجوم والبناء الصحيح لأي هجمة، إضافةً إلى التحرك مع وبدون كرة لخلخلة دفاعات الخصم ‏وخلق ثغرات ومساحات للاستفادة منها، مع تفوّق لخط منتصف ‏الملعب موصل الخطوط والقائم بكل شيء،  هذا ما كان يميز كرة برشلونة تحت أمرة بيب غوارديولا.

وأخيراً أقول أن حل مشكلة برشلونة الحالية لا تكمن في التعاقد مع كوتينيو أو ديبالا أو ديمبيلي، بل في عودة هوية النادي المفقودة ‏مؤخراً مع حنكة التصرف بجعل الوافدين الجدد ينسجمون مع نهج الكتلان.‏