ان كنت من عشاق الحقيقة و لا تعترف بالخيال فبالتأكيد لن يعجبك الخبر الذي انتشر كالهشيم عن ان ريال مدريد تمكن من اغلاق صفقة مبابي من موناكو بقيمة 180 مليون يورو، حيث كان من الصعب تخيل ابرام صفقة بهذ الحجم بعد دفع مانشستر يونايتد ل 120 مليون يورو لاستقدام بوغبا من اليوفي و أن لايصمد هذا الرقم لسنين قادمة و لكن يبدو ان بيريز في طريقه لوضع رقمٍ قياسي من جديد بعدما فعلها سابقاً في اربع مناسبات.
هل ريال مدريد بحاجة مبابي فعلا؟ أو ان السؤال الأهم هل يستحق مبابي هذا السعر بعد تألقه لموسم واحد؟ لنبدأ بالسؤال الثاني ، من المؤكد بأن لا أحد يستحق هذا المبلغ سوى ميسي ، رونالدو و نيمار و حتى نتفق كمشجع مدريدي فإنني ضد دفع هذا المبلغ حيث أن سعر المهاجم الفرنسي المنطقي يتراوح ما بين 70 الى 80 مليون يورو.
لا أدافع عن فكرة ال 180 مليون لأنها خاطئة و لكن علينا ان نعي بأن مستوى الأنفاق اختلف عن السنين الماضية و تألق موسم واحد كفيل بأن يغير الكثير و هل تذكرون أسعار لاعبي ليستر بعد التتويج بالبريمييرليغ؟ هل تعلم كم كان سعر مارسيال الذي اشتراه اليونايتد من موناكو الذي لم يسمع به احد من قبل؟ لنكن واقعيين كل شيء تغير في عالم الساحرة المستديرة و الأمر ليس وليد اللحظة . هل تذكر لاعب اسمه دينيلسون؟ تلك الموهبة البرازيلية التي اشتراها ريال بيتيس من ساوباولو عام 98 مقابل 32 مليون دولار!!!!
كجميع اقتصادات العالم التي تتخبط لفترات ثم تعود الى حالة الاستقرار تفصل بين هذه الحالتين نقطة بداية و نقطة نهاية تستقر عندها الأمور و لا يبدو عالم كرة القدم بعيدا عن هذه التغيرات.
قبل سنتين ظهر الاهتمام الصيني و التوجه نحو الاستثمار و التطوير في كرة القدم فتغير السوق و أصبحت الرواتب التي تدفع هنالك ورقة ضغط على الإدارات لتحمي لاعبيها وهذا اثر سلبياً على سلم الرواتب الاي يتقاضاها لاعبو كرة القدم حول العالم لأن ليست فقط الأسعار اصبحت مجنونة و ظالمة بل حتى أن الأجور لم تعد تحددها فقط الموهبة حيث ان جيسي لينغارد يتقاضى اجراً اكبر من نجم اليوفي ديبالا.
كل هذه التغييرات تؤثر و تتحكم بالسوق و في السابق شهدنا عدة نقاط مفصلية فيغو ، زيدان ، بيل و بوغبا كل هذه الأسماء تغير من بعدها كل شيء فيما يخص الأسعار و ما كان ليتجرأ احد على دفع مبلغ ما يفوق ال 100 مليون في لاعب واحد و لولا نجاح صفقة بوغبا و هذه الأمور تحدث في الحياة العملية فأنت كشخص لن تتجرأ على تجربة شيء جديد إلا اذا امتلكت الجرأة الكافية على فعل ذلك او شاهدت شخصاً قام بذلك و نجح حيث ان هذا النجاح يولد الجرأة التي تحتاجها و هذا ما تفعله الأندية في السوق هذه الايام.
مبابي لن يكون الاستثناء الوحيد و ليس الأخير و قريباً قد ننسى ثمن هذه الصفقة اذا ما صدقت الأخبار التي تتحدث عن رحيل نيمار بمبلغ 222مليون يورو!!!!!! دون ان ننسى الإختلاف في القيمة الفنية بين كلا اللاعبين.
وفي النهاية هنالك مبدأ يقوم عليه الاقتصاد على حد وصف ادم سميث عندما تحدث في كتابه الشهير ثروة الأمم ” أعطني ما أحتاج و ستحصل مني بالمقابل على ما تحتاج” و هذا يوصف الحالة العامة للسوق فهنالك من هو قادر على تلبية احتياجات البائع مهما بلغت و هنالك من يفضل الإنتظار و هذه الامور اصبحت اساسية في عالم كرة القدم .