اسبانيا

وجهة نظر : كفى ظلماً لنيمار يا جماهير برشلونة !

انتشر في الساعات الأخيرة فيديو يظهر مشكلة حصلت في تدريبات نادي برشلونة بين نيمار جونيور وزميله البرتغالي المنضم حديثاً إلى الفريق نيلسون سيميدو أثناء تواجد الفريق في الولايات المتحدة الأميريكية.

وما إن ظهر هذا المقطع على وسائل التواصل الاجتماعي حتى سارعت جماهير البلوجرانا إلى رمي معشوقها أمس، مكروهها اليوم بسهام الاتهامات بالعنف و بأثارة المشاكل وتوتير الأجواء في المعسكر الكتلوني، لا بل ذهب بعضها إلى خيارات متطرفة كمطالبة الإدارة بالتخلص من نيمار ومعاقبته على تصرفه الأرعن على حد وصفها.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : على ماذا استندت جماهير برشلونة في اتهاماتها هذه؟ الجواب بسيط : إلى عاطفتها فقط، والمرتبطة بشكل أساسي بالمصير المجهول لنجم السيليساو الذي لم يحسم قراره بالبقاء أو الانتقال إلى باريس سان جيرمان.

الفيديو لا يظهر سوى مشهد عراك بين نيمار و سيميدو ويعتدي فيه الأخير بالضرب على الأول قبل أن يهدأ وينسحب، ويعود نيمار ليحاول رد الضربة لسيميدو قبل أن يهدئه بوسكيتس لينسحب بعدها البرازيلي و يخلع قميص التدريبات ويرمي به إلى الأرض.

كيف بدأ العراك؟ ماذا قال سيميدو لنيمار؟ من بدأ بالضرب ولماذا؟ نحتاج إلى الإجابة على جميع هذه الأسئلة قبل إطلاق حكمٍ صحيح تجاه اللاعبين، لا أن نبني ردة فعلنا فقط بناءً على انزعاجنا من دراسة نجم السيليساو لقرار انتقاله من عدمه فهذا أمرٌ يخص نيمار وحده ولا تزر وازرة وزر أخرى،  واللاعب مازال إلى لحظة كتابة هذه السطور نجماً للكامب نو وقدم أداءً ممتازاً في المبارتين الوديتين الأخيرتين التي سجل فيها ٣ أهدافٍ.

لأوضح ما أرمي إليه بشكل أفضل أقول : ماذا لو أن هذه الحادثة قد وقعت بين سيميدو وميسي بدلاً من نيمار؟ أكاد أضمن بنسبة ١٠٠٪ أن ذات الأصوات كانت لتطالب بمعاقبة الوافد الجديد ووضع حدٍ له من قبل فالفيردي واتهمته بالاعتداء بالضرب على لاعبٍ قديم وممتاز في الفريق. لا بل بإمكاني أن أذهب لأقول أن لو الحادثة ذاتها وقعت مع ذات اللاعبين من دون الأنباء التي تتحدث عن احتمال خروج نيمار من كتيبة الكتلان لكانت انعكست الآية أيضاً.

أنا لا أؤكد أو أنفي مسؤولية نيمار عمّا حدث، فأنا مثل الجميع قد شاهدت الفيديو على شبكة الانترنت، لكني أدعو فقط إلى بناء الرأي استناداً إلى وقائع نعرفها عن أسباب المشكلة ومجرياتها، وليس فقط بناءً على رغبة أحد أطرافها بالانتقال فهذا موضوع منفصل تماماً.

أخيراً، تنتقد جماهير البرسا لاعبها بسبب صمته تجاه مسألة انتقاله، ولهذا الصمت بتحليلي سببٌ بسيط جداً : أن نيمار نفسه لم يحسم قراره بعد، فهو الآن أمام احتمالين، الأول أن يبقى بين زملائه وفي فريقٍ يعد من الأفضل في العالم مع القبول أن يكون رقم ٢ في الفريق خلف ميسي إلى أن يعتزل الأخير، أو أن يصبح أغلى لاعب في التاريخ -إلى فترة طويلة باعتقادي- والنجم الأوحد لنادٍ يملك مشروعاً ضخماً لاشك، خصوصاً أنه نجح بالتمسك بلاعبيه الكبار في السنوات الأخيرة عدا عن الإغراء المادي وناهيك عن ضغط الزملاء من جانبٍ وضغط والده من جانبٍ آخر والقرار الأخير هو بيد جونيور نفسه، فماذا عليه أن يصرح؟ أنه لم يحسم قراره بعد؟ أنه في حيرةٍ من أمره؟

إذاً باختصار، أنا أتفهم غضب جماهير برشلونة وهي ترى لاعبها الذي شجعته ومنحته محبتها في السنين الماضية قد يخلع القميص الأزرق والأرجواني، لكني أدعو فقط قبل كل شيء أن نتفهم الأزمة النفسية التي يعاني منها شابٌ في الخامسة والعشرين من عمره وجد نفسه أمام خيارين أحلاهما حلوٌ جداً، وأن معظمنا يقف حائراً أمام قراراتٍ أبسط بكثير كلون الهاتف الجوال المقبل الذي سنشتريه أو ماذا سنتناول على العشاء، نيمار في نهاية الأمر شابٍ برازيلي من بيئة بسيطة، ومن حقه أن يحتار ويختار !.