”الميركاتو الأقوى” جملة تقال تقريباً في كل عامٍ في مثل هذه الأوقات، وتكون مبنية على وقائع ومعطيات حدثت في نهاية الموسم الكروي الأوروبي لتمنح الصيف الذي يليه طابع القوّة ، لكن ما ميّز سوق الانتقالات الحالي هو ترسيخ فكرة الاحترافية وأن كرة القدم هي مهنة للاعبين وكل من يرتبط بها خصوصاً مع تطور كرة القدم السريع من الناحية التدريبية والتكتيكية والتسويقية ويرافقها سعي اللاعبين وراء أشياء أكثر ضمانةً لما يجعلهم يتناسبون مع تطور الكرة الملحوظ وظروف جديدة قد تهيئ لهم بيئة مناسبة أكثر لإخراج أفضل ما لديهم حتى وإن كلفهم هذا الشيء خسارة الكثير من المحبيّن ولربما وصفهم بالخونة!.
ميركاتو هذا العام حتى الآن شهد حالتين من هذا النوع والقاسم المشترك بينهما هو الدوري الإيطالي ونادي ميلان.
١- تقبيل الشعار ليس كل شيء
ارتبط اسم حارس ميلان الشاب دوناروما مع نادي ريال مدريد الإسباني، في ظاهرة صعقت كل متابع لكرة القدم خاصّة لجماهير الروسونيري التي كانت تعوّل الكثير على حارسها الشاب في السنوات القادمة، لكن الوضع الاحترافي الذي وصلنا له في واقعنا الحالي يجبر اللاعبين في بعض الأحيان على نسيان صورهم التي حملت طابع الانتماء والنظر لتحسين أحوالهم سواء ماديّاً أو في سبيل البحث عن الأمجاد، هنا وقعت إدارة الميلان “المبتعدة في الآونة الأخيرة عن هذه الأجواء” في المحظور خاصةً بعدما سلّم الحارس الشاب أمره إلى موكله “رايولا” المعروف بحنكته ومصالحه الشخصية فوق كل شيء، ليبدأ بعدها مسلسل جيجيو ومعاداة الجماهير له ووصفه بالخائن، لكن معظم الجماهير لم تنظر للوضع من باب الاحتراف، نهاية أجزاء مسلسل دوناروما والريال انتهى بتجديد الأول لناديه الإيطالي وفشل انتقاله إلى إسبانيا.
٢- الراحة النفسية وكرامة اللاعب عاملان هامّان للاستمرارية
نبقى في إيطاليا ومع ميلان الذي حسم أمس صفقة هامّة جداً وهي ضم مدافع يوفنتوس بونوتشي، نعم انتقل المدافع الإيطالي الذي كان يشكّل الغرينتا بكل معانيها لجماهير السيدة العجوز التي وصفته أيضاً بالخائن دون أن يتسنى لها أن تعرف ما حدث له مع الفريق الموسم الماضي تحديداً مع المدرب أليغري في قضية حرمانه من مباريات وعدم تطبيق العقوبة على زملاء له قاموا بنفس المشاكلة مع المدرب. قضية ليوناردو مع البيانكونيري تندرج تحت بند الراحة النفسية وهي أهم ناحية يبحث عنها اللاعب في أي تجربة يخوضها فهي مفتاح تألقه وتقديمه للمستوى الأفضل وذلك عندما يتلقى المعاملة الحسنة من الإدارة والمدرب وهذا ما كسر باب الثقة بين بونوتشي وبطل إيطاليا.
ظواهر عديدة ومتنوعة شهدناها في السابق للكثير من اللاعبين مشابهة بعض الشيء لما مرّ به كل من بونوتشي ودوناروما لكن لم يسلط الضوء عليها بهذا الشكل والأسباب كثيرة أبرزها ما سبق هاتان القضيتان وتطور الإعلام ووسائله كثيراً.