صيف 1893 جرت أول صفقة في تاريخ كرة القدم وكان بطلها اللاعب الاسكتلندي ويلي غروفز الذي انتقل من وست برومتش البيون الى استون فيلا ب100 جنيه استرليني، وإذا ما اخذنا بعين الاعتبار عامل تغير الزمن والتضخم فهو يعادل 13,000 دولار في يومنا هذا. توالت بعدها صفقات انتقال اللاعبين وازدادت قيمتها مع مرور الوقت حتى بلغت 120 مليون يورو هي كلفة انتقال اللاعب الفرنسي بول بوغبا من ناديه يوفنتوس الى مانشستر يونايتد.
السؤال الأهم الذي يجب طرحه هنا “ماهو سبب هذا الارتفاع الجنوني؟”، هل هو هو عامل الزمن وتطور الدعاية والاعلام؟ أم أن وكلاء الاعمال اصبحوا يبالغون بمطالبهم ويرفعون الاسعار بشكل جنوني؟، من بدأ هذه الحمى الجنونية في سوق الانتقالات؟
إذا ما عدنا الى السجل التاريخي للميركاتو فلا بد أن نذكر صفقة انتقال النجم الارجنتيني ألفريدو دي ستيفانو من ميليناريوس الكولومبي إلى ريال مدريد بعد منافسة محمومة مع برشلونة وما رافقها من شائعات مازالت مستمرة إلى يومنا هذا، فالشاب الارجنتيني ذو ال26 ربيعا كلف خزائن النادي الملكي حوالي 4,500,000بيزيتا اسبانية أي ماكان يعادل حينها 28,000 دولار، والذي لايعلمه البعض هو أن صفقة انتقال دي ستيفانو إلى البلوغرانا فشلت بسبب خلاف إدارة النادي الكاتالوني مع النادي الكولومبي على 10,000 دولار وهو مبلغ لايذكر إذا ماقورن بصفقات اليوم وبقيمة الأرجنتيني الذي جلب خمس بطولات دوري ابطال اوروبا ونصب نفسه كأفضل لاعب في تاريخ نادي العاصمة الابيض.
وبالحديث عن الصفقات القياسية في القرن العشرين، تطالعنا صفقة انتقال الجناح الهولندي الطائر يوهان كرويف من أياكس أمستردام الى برشلونة الاسباني عام 1973 بصفقة بلغت وقتها حوالي 900,000 دولار، أي مايعادل اليوم وبعد حساب فرق العملة والتضخم 13 مليون دولار، تليها صفقة انتقال النجم الارجنتيني دييغو مارادونا من بوكا جونيور الى برشلونة سنة 1982 مقابل 3 مليون دولار والذي اعتبر رقما قياسا آنذاك وإذا ما حولناه الى قيمة الدولار السوقية في يومنا هذا بلغت الصفقة 12 مليون دولار، وبعد عامين فقط عاد دييغو مارادونا ليكسر رقمه السابق عندما انتقل الى نادي نابولي الايطالي مقابل 5 مليون دولار أي مايعادل اليوم 19 مليون دولار.
مع نهاية القرن العشرين كانت أكبر صفقة هي انتقال النجم الايطالي كريستيان فييري من لاتسيو روما الى إنتر ميلانو مقابل 32 مليون جنيه استرليني، ولكن مع بداية القرن الحادي و العشرين وقدوم الرئيس بيريز الذي وعد بانشاء فريق النجوم “الجالاكتيكوس” أصبح ريال مدريد هو نجم سوق الانتقالات الأوحد، وكانت أولى صفقاته واكثرها اثارة للصخب حينها هي صفقة انتقال لويس فيغو من الغريم برشلونة بقيمة 62 مليون دولار، ليعود ريال مدريد بقيادة بيريز في صيف ال2001 مع صفقة مدوية جديدة كان بطلها النجم الفرنسي زين الدين زيدان قادما من يوفينتوس بقيمة 72 مليون دولار، لتتوالى بعدها الصفقات الكبيرة للحوت الاسباني بيريز والذي يحمله البعض مسؤولية ارتفاع الاسعار الجنونية في سوق الانتقالات والتي كان اخرها النجم الويلزي غاريث بيل من نادي توتنهام الانكليزي بقيمة 99 مليون يورو.
لكن على الرغم من ذلك، وبقراءة تاريخية للصفقات لقياسية في عالم كرة القدم فان الدوري الانكليزي يتصدر قائمة أكثر الدوريات قياماً بالصفقات القياسية بواقع 17 صفقة مبيع و16 صفقة شراء يليه الايطالي ب14 صفقة مبيع و و 18 شراء ثم الارجنيتني فالبرازيلي ويليه الفرنسي، و اذا ما تحدثنا عن الارقام الفلكية في السوق الحالي فلا يجب أن ننسى قيمة التضخم الكبيرة التي يشهدها الاتحاد الاوروبي وبحسبة بسيطة فإن انتقال كريستيانو رونالدو من الشياطين الحمر الى ريال مدريد كلف خزائن الأخير عام 2009 مبلغاً وصل إلى 94 مليون يورو فإذا ما قورنت مع قيمة تضخم العملة في السنوات الثمانية الأخيرة فإن المبلغ ذاته سيكون 112 مليون يورو عام 2016 .
هذا لا يعفي وكلاء اللاعبين من مسؤوليتهم عن هذا التضخم وخاصة حيتان الانتقالات خورخي مينديز ومينو رايولا اللذان يشار اليهما باصابع الاتهام عن هذا الارتفاع الجنوني والمترافق مع البروباغندا التي يقومون بها للاعبين المراد تسويقهم كما يستغلون حاجة بعض الأندية للاعبيهم بهدف رفع قيمتهم السوقية بشكل مبالغ به خصوصاً إذا كانت النادي الغنيمة هو من كبار أوروبا.
وأخيراً يجب أن لا ننسى أن التقدم التقني وارتفاع عقود الرعاية والنقل التلفزيوني زيادة شعبية الرياضة هي جميعاً عوامل ساهمت بشكل أو بآخر ب انتقال الاعبين في القارة العجوز فلا يمكن مقارنة شعبية اللعبة عندما انتقل ويلي غريفز عام 1893 بشعبيتها عند انتقال كرستيانو رونالدو عام 2009 الى البيت الملكي الابيض، فهل سيتوقف الموضوع عند هذا الحد أم أننا سنشهد مزيداً من الارتفاع في قادم الأيام؟