ما إن فجرت صحيفة أبولا البرتغالية خبر رغبة مواطنها كريستيانو رونالدو الرحيل عن ريال مدريد هذا الصيف حتى انتشر كالنار في الهشيم بين الصحف العالمية والعربية والقنوات الرياضية وتصدر اغلفة جميع المجلات وتناقلته كافة مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تمضِ ساعاتٌ بعدها حتى بدأت الصحف في اسبانيا ثم في ألمانيا وإيطاليا وإنجلترا بالتحدث عن عروض لشراء اللاعب من البايرن واليونايتد وتشيلسي وباريس الخ..، بل إن بعضها وصل به الأمر إلى تحديد سعر كرستيانو وبعضها الآخر أدخل لاعبين في صفقة انتقاله كديخيا وهازارد.
كل هذا حدث واللاعب نفسه لم يدلِ بأي تصريح له حتى لحظة كتابة هذه الكلمات فيما يبدو أنه إعجاب من قبله بهذه الإشاعات، ومما زاد “الطين بلة” هو وضعه لصورته بلباس المنتخب البرتغالي على صفحته الشخصية في فيسبوك وانستاجرام، لكن الدون يعرف حق المعرفة أن تركه للنادي الملكي سيكون خطأ كبيراً جداً وخسارة هي أكبر له بكثير من خسارة النادي الذي عودنا دائما على شراء النجوم من كل حدب وصوب، وهذا ليس ضرباً من الخيال أو رغبةً شخصية لكاتب هذه السطور، فإليكم هنا الأسباب التي تجعل خروج رونالدو من الريال أشبه بمعجزة :
1- كرستيانو بعمر 33 سنة أصبح بحاجة لمن يصنع له الفرص والأهداف ليحافظ على المنافسة المشتعلة بينه وبين ميسي وليستمر بتحطيم الارقام القياسية، ولا يوجد فريق في العالم يمتلك خط وسط اقوى وأفضل من مودريتش ورفاقه الذين يصنعون الأهداف بتمريرات وعرضيات تدرس في مدارس كرة القدم حول العالم !
2- رونالدو ليس مجرد لاعب بل هو واجهة إعلامية وتسويقية ورجل أعمال وهو دائما بحاجة للبقاء تحت الأضواء، وأي دوري أفضل له من الدوري الإسباني الأكثر جماهيرية في العالم، كما أن التنافس الأزلي بين الريال والبرشا على كل الألقاب في كل عام تجذب الانتباه وتبقيه دائما في الواجهة.
3- ابن ماديرا هو أسطورة الريال في العصر الحديث ولا أحد يختلف على ذلك أبدا، ويمكن القول أنه ثالث لاعب أهميةً في تاريخ المرينجي بعد سانتياجو برنابيو ودي ستيفانو، وليس من عادة الأندية العظيمة التفريط بأساطيرهم مالم يهبط مستواهم بشكل رهيب، ومع تألق كريس وحسمه الليجا والابطال بطريقة تاريخية صار التخلي عنه من قبل ناديه ضرباً من المستحيل.
4- علاقة كرستيانو باللاعبين وزيدان والإدارة جيدة بل ممتازة، هو نفسه صرح بذلك منذ فترة قصيرة بعد الفوز بدوري الأبطال الأخيرة مباشرة، ودائما ماكان يقول بأنه مرتاح في مدريد ويريد الاعتزال في النادي الملكي.
5- في تسع مواسم قضاها رونالدو في الريال، وصل اللاعب الى أعلى مرحلة من الانسجام مع الفريق ككل خصوصا راموس وبنزيما وبيل ومارسيلو، وهو يعلم أنه قد لا ينسجم في حال انتقاله إلى نادٍ آخر وخصوصا مع تقدمه في السن.
6- رونالدو و اللوس بلانكوس كلاهما استفاد من الآخر ،فلولاه لما ارتفعت أسهم النادي التجارية ولما حقق الريال العديد من الألقاب، ولولا الدعم المنقطع النظير في مدريد له واعتباره اللاعب رقم واحد الذي لا يمس لما وصل لما وصل إليه ألقابٍ فردية وجماعية، ولما تمكن من تحطيم الارقام باستمرار.
7- اللاعب معشوق جماهير النادي منذ وصوله لليوم، وشغفه بأن يكون الأفضل دائما يدفعه للبقاء في النادي الأفضل، ومما لا شك فيه أن أبناء زيدان في هذه الأيام هم الأفضل والأكثر اكتمالاً بين أندية أوروبا.
8- الدون يعلم أن الملام الوحيد عما يحصل هو قوانين مصلحة الضرائب في اسبانيا والخلل فيها، والتي استجرت العديد من اللاعبين أبرزهم هو وميسي، والآن بدأت الصحافة تتحدث عن مورينيو، بالتالي هو يعلم جيداً أن لا علاقة لإدارة نادي العاصمة الاسبانية بقضيته فلا مبرر له للمغادرة.
في النهاية يبدو أن التزام رونالدو بالصمت هو فقط لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور وكيف سيتحرك ريال مدريد ومسؤولوه بشأنه وبشأن كل هذه الإشاعات، ومن المحتمل أيضاً أنه يريد الضغط على بيريز من أجل تحسين عقده أو ليتعهد بدفع ضرائبه أو الدفاع عنه، احتمالاتٌ كثيرة لكن الأكيد الوحيد برأيي أن كريس باق رفقة أبناء زيدان، والريال لن يبيع نجمه المحبوب بأي ثمن، والعلم عند الله !