ايطاليا

حكاية من إيطاليا : المشجع و الوحش.

بدأت تشجيع إيطاليا في بداية التسعينات. كأس العالم عام 1994 كان كإعلان رسمي لرسم ميولي الكروية مع العظيم باجيو. عند بداية مونديال الولايات المتحدة، سألني خالي من ستشّجع أجبته إيطاليا ولكن أرشّح البرازيل للفوز باللقب. كان تشجيع المنتخبات الوطنية هو السائد. عشقت إيطاليا رغم خسارتها مونديال ال 90 والحديث الكبير عن سحرة البرازيل.

كنا حينها نعاني في الحصول على صورة بجودة مقبولة لمشاهدة الكالتشيو على قناة Antene Plus، حتى سامبدوريا في ذلك الوقت كان قويًّا. شجعت ميلان ولا زالت بعض مبارياته الأوروبية في تلك الحقبة عالقة في ذهني وأهمها نهائي عام 1994 والفوز بالأربعة على دريم تيم برشلونة، والخسارة ضد أياكس بهدف كلويفرت في الدقائق الأخيرة. لكن منذ تلك اللحظة كنت أشجع كل الأندية الإيطالية في المنافسات الأوروبية.

جذبني يوفنتوس ليبي بعد منتصف التسعينات، شاهدت قوة بارما ولاتسيو بفريقيهما التاريخيَين العظيمين. وصل بي الأمر إلى تشجيع تشيلسي بسبب فيالي، دي ماتيو وزولا. كنت أتابع الدوري الفرنسي على القنوات اللبنانية الناقلة عبر القنوات الفرنسية، تابعت باريس سان جيرمان بسبب لاعب إيطالي أيضًا هو المهاجم ماركو سيموني الذي انتقل بعدها لموناكو. شدّتني بعض الأسماء الكبيرة في ريال مدريد في أواخر التسعينات أيضًا.

ميلان عاد من جديد، تأهل إلى نهائي دوري الأبطال لملاقاة يوفي عام 2003. أذكر حينها استغراب صديق لي عندما عرف أني أشجع ميلان وهو يظن أنني أشجع يوفي، وذلك بسبب تشجيعي له في ثلاث نهائيات متتالية. لم يكن نهائياً ممتعاً فاز ميلان بضربات الترجيح. لكن فرحة ومتعة الفوز تطغى على كل شيء، كانت فرحة جنونية وكان أول نهائي تشامبيونز ليغ يخسره بوفون.

كثيرٌ من الأشياء تغيّرت، الأندية الإيطالية لم تستثمر نجاحاتها في التسعينات حتى منتصف العقد الأول من الألفية الجديد في مشاريع طويلة الأمد، وبدأت مشاكل الأندية المالية والتسويقية عدا عن مشكلة الملاعب. سحرني برشلونة بيب في بداياته. الكالتشيو لم يعد الأقوى في العالم. يوفي عانى بعد الكالتشيوبولي، ميلان حتى مع فوزه بآخر ألقابه عام 2007 بدون رؤية ومشروع واضحين بعد انتهاء حقبتي جيليه التاريخيَين. إنتر احتاج لمورينيو للعودة المؤقتة. انهار الجميع وعاد يوفنتوس. سيطر على كل شيء في إيطاليا، أما ميلان عاش في أزمة، لم تكن كبوة بل غيبوبة شبه تامة. حتى الآن لم يكن لديّ أي مشكلة في أن أكون صادقًا مع نفسي وأشجّع اليوفي في أوروبا حتى بعد “هدف مونتاري الملغى” الذي تخطى الخط وتخطيته أنا أيضًا. لكن شيئًا ما حصل هذا الموسم، ليس الأمر بالنسبة لي كره يوفنتوس بسبب سيطرته المحلية بالألقاب، بل شيءٌ ما انكسر بعد التعاقد مع بيانيتش وهيغوايين ومحاولة التعاقد مع ناينغولان ثم الحديث عن دوناروما، وصل إلى ذروته مع ضربة الجزاء في آخر لقاء مع ميلان في الإياب. وضع ميلان المذري والمحبط ساهم بذلك دون شك. أصبح يوفنتوس بالنسبة لي كالوحش الذي يُضعِف من حوله والذي يتباهى مشجعوه ولاعبوه بفوقية فائض القوة.

بالأمس خسر بوفون النهائي الثالث، لم أشعر بالحزن ولم أتعاطف مع يوفنتوس كعادتي. فقط بوفون هو من جعلني أتمنى لو أن ذلك لم يحصل بالإضافة إلى صديقين يشجّعان اليوفي تعرّفت عليهما من خلال كرة القدم وعشق الكالتشيو.
تمنّيت للحظات-خنت فيها ميلان- لو أن لقب 2003 لم يفلت من بوفون ومجد ومحمد وكل من يشبههم. عدت وابتسمت مجدّدًا فرحًا بلقب 2003 وأيقنت أنّه ليست كل الخيانات بشعة!