أوروبا دوري أبطال أوروبا

عدوى الفلسفة الكروية كيف انتقلت من برشلونة إلى ريال مدريد؟

عودتنا كرة القدم على التطور بشكل دوري ومستمر سواء على المستوى العام أو ضمن دوري واحد أو فريقٍ معيّن، ومما عوّدتنا ‏أيضاً أنها لا تتوقف عند جيل معيّن أو نمط تكتيك أو سياسة إدارات أندية كانت تعتمد أساليب خاصّة لكنها استفادت من تجارب أندية ‏أُخرى لتطبيقها داخل أسوارها.‏

لو كُتب لريال مدريد التألق هذا الموسم وتحقيق ما تبقى له من ألقاب متاحة، فالسبب الرئيسي والأهم هو تواجد أسماء وتوليفة تدمج ‏بين الخبرة ‏والشباب، بين نجوم أعطت الكثير للنادي الملكي وبين أبناء النادي، نعم يا سادة أبناء النادي الذين ارتقوا بالفريق وكانوا ‏دعم كبير في معظم الأوقات خاصّةً هذا الموسم تحديداً في لقاء خيخون الأخير.‏

‏ فمن كان وراء تلك النقلة النوعية في سياسة ريال مدريد مع نفس الرئيس فلورينتيو بيريز الذي كان مثلاً لاحتكار النجوم في وقتٍ ‏مضى؟

الاستفادة من برشلونة:
اعتماد ريال مدريد الكبير على أبناء النادي لم يكن وليد اللحظة بل كان مدروساً ومبيناً على أسس وتجارب ملموسة، وكما ذكرنا أن ‏كرة القدم لا تتوقف عند مكانٍ ومبدأ معيّنين كانت استعانت الريال بتجربة الغريم التقليدي برشلونة أثناء حقبة المدرب بيب ‏جوارديولا.
‏ لو ألقينا نظرة عامة على أهم أسماء برشلونة مع بيب في الحقبة الذهبية سنلاحظ أن معظمها تخريج اللاماسيا أكاديمية ‏الفريق ‏الكتالوني والتي قدّمت العديد من النجوم الذين ينشطون في العديد من الدوريات الأوروبية حالياً، واعتماد برشلونة على أبناء النادي ‏كانت أحد سمات نجاحه على الصعيدين الداخلي والخارجي والتوازن المالي والألقاب مرفوقاً بالشهرة في آنٍ واحد.‏

استفادة الريال من برشلونة لم تتوقف عند نواحيه الإيجابية فقط، بل تداركت إدارة الميرنغي أخطاء نظيرتها في برشلونة في عدم ‏استعادت اللاعبين الشبّان المعارين وهو أحد أسباب تدهوربرشلونة هذه الفترة، حيث وضعت إدارة الريال بنداً في العقود المعارة ‏‏”أن الريال يملك أحقيّة استعادت اللاعب وقت ما يريده الفريق”.‏

جوارديولا في برشلونة وزيدان في الريال
الظروف التي أحاطت باستلام بيب جوارديولا زمام التدريب في فريق برشلونة موسم 2008 قريبة إلى حدٍ كبير من تلك التي ‏لازمت وصول زيدان إلى قمّة التدريب في البرنابيو، كلاهما لعب لنفس الأندية ويعلم خبايا وأسرار كل فريق، الاثنين أشرفا على ‏تدريب الفريق الثاني في النادي مما مكّنهم من الاقتراب بشكل كبير من الأسماء الشابة أبرزهم “بيدرو- بوسكيتس- بيكيه – بويان” ‏مع بيب، “أسينسيو- موراتا – فاسكيز- كارفخال – ناتشو” مع زيدان.‏
لم يتوقّف الأمر عند هذا الحد فالشبه بين الاثنين وصل إلى درجة التعامل مع اللاعبين حيث كلاهما تمكّن من الاقتراب من لاعبيه ‏حتى كسبوا كامل ثقتهم، وتأمين الاستقرار داخل غرف الملابس الذي يعطي راحة نفسية للاعبين وتقديم أفضل ما لديهم من أجل ‏مدربهم قبل شعار النادي.‏

الكاستيا مستمرة بالعطاء
نجاحات زيدان تزداد يوماً بعد يوم مع ريال مدريد وهذا إن دل على شيء فإن السياسة الجديدة قد أثمرت فريقاً قوياً لريال مدريد مكتفي ‏ذاتياً، وهذا يعطي مؤشراً على ازدياد ثقة النادي بلاعبيه الشبّان والاهتمام أكثر بكوادر الكاستيا التي حقق فريقها “ريال مدريد ‏كاستيا” في الموسم الماضي لقب الدوري الذي يلعب به هناك في إسبانيا “‏‎ Segunda B‏” وقدّم للفريق الأول هدّافاً ولاعباً مهارياً ‏الدوميناكني ماريانو دياز، لكن استعانت زيدان بلاعبين شبّان للفريق الأول جعل فريق الكاستيا يتراجع هذا الموسم ليحتل المركز ‏السابع في دوري ‏Segunda B، لكن اعتماد النادي في القادمات على الكوادر يبشر أنها مشكلة وقت حتى يعود الفريق الرديف ‏لوضعة الطبيعي.‏ تجربة برشلونة السابقة وإعادة إحيائها من قبل ريال مدريد تعطينا فكرة كبيرة أن النادي مهما أصبح كبيراً وصاحب شهرة كبيرة ‏على المستوى العالمي إن لم يملك كوادر قوية ومدرب يملك كامل الصلاحيات وخرج من أضلاع النادي فستكون تجربته محدودة ‏ضمن وقت مؤقت.‏