يقول ستافورد هيجينبوثام رئيس نادي برادفورد سيتي الإنجليزي السابق: “كرة القدم هي الأوبرا التي تعزفها البشرية جمعاء”، ويضيف آخرون أن كرة القدم هي نتاج فنون رياضية سواء داخل الملعب أو خارجه تجعل كل تفصيل بسيط منها متعة بحد ذاته. ومما لاشك فيه أن الجمهور هو جزء من متعة كرة القدم الذي بدونه تفقد الكثير من قيمتها، فمشجعي نادٍ معين هو من يُلهب حماس لاعبي هذا النادي ليقدموا أقصى مالديهم من أجل إسعادهم فكما يُقال: “وراء كل بطل جمهور عظيم”.
مواقف الجماهير في عالم كرة القدم عبر تاريخها كثيرة ومتنوعة أبرزها تلك التي تعطينا فكرة أنّ الانتماء للقميص والشعار يفوق الانتماء الديني والعرقي للبشر، ولم تخلو المشاهد من لحظات إنسانية جعلتنا ممتنين لكرة القدم. ويعتبر عشاق بوروسيا دورتموند الألماني أحد أبرز الأمثلة عن تلك المواقف التاريخية التي شهدتها كرة القدم، والكثير من الأندية الأوروبية تحسد النادي الأصفر والأسود على جماهيره الوفية له.
الجمهور وقت الضيق :
تعرض بوروسيا دورتموند في عام 2003 لأزمة مالية كبيرة أدت لاقتراب إعلان إفلاسه ومن ثم هبوطه للدرجة الثانية، إلا أن ما أنقذ النادى هو جماهيره الوفية التي خرجت في مظاهرات بالآلاف لمنع بيع النادي وبدأت حملات للتبرع ودشّنت حملة لشراء القمصان والأوشحة الرسمية من متاجر النادي وكذلك شراء عدد هائل من التذاكر الموسمية وهو ما دعم الخزينة بملايين اليوروهات فعاد “أسود الفيستيفالين” للطريق الصحيح.
: خير مثال عن الوداع والإستقبال
في موسم 2015-16 جسّدت سكان مدينة دورتموند من داعمي النادي لوحات إنسانية معبّرة وقفت عندها الكثير من الصحف والمواقع الرياضية والملفت للانتباه أن في هذين الموقفين كان نشيد نادي ليفربول الإنجليزي الشهير “You Well Never Walk Alone” الرابط المشترك بينهما. ففي المرحلة الـ26 من الموسم الماضي تحديداً في مباراة دورتموند وضيفه ماينز على ملعب السينجنال إيدونا بارك توفّي واحد من الجماهير متأثراً بأزمة قلبية خلال تواجده على المدرجات، وسرعان ما ساد الحزن أرجاء الملعب حتى بدأ جميع من في الملعب بغناء “لن تسير وحيداً” أغنية ليفربول الإنجليزي في إشارة إلى أن المشجع الذي توفى لن يسير وحيداً وأنه باقٍ معهم.
الموقف ذاته تكرر لكن هذه المرة لم يكن في حالة وداع بل كان في استقبال أهم مدرب استلم قيادة دورتموند وهو يورغن كلوب مدرب ليفربول حالياً، حيث وضعته قرعة الدوري الأوروبي الموسم الماضي مع فريقه السابق، ليدخل كلوب الملعب الذي صنع معه الأمجاد في وقتٍ ليس ببعيد على أغنية “لن تسير وحيداً” ممزوجة بحناجر جمهور ليفربول ودورتموند الوفية لمدربها السابق، موقفٌ استحق على إثره جمهور الفريقان جائزة أفضل جمهور المقدمة من الفيفا.
الأبواب مفتوحة لكم “ Herzilch willkommen”
آخر مواقف جمهور دورتموند الإنسانية كانت ليلة الثلاثاء الماضي حيث كان من المقرر إقامة مباراة الفريق أمام ضيفه موناكو الفرنسي في ذهاب الدور الربع النهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا، لكن ما سبق المباراة من أحداث “تفجيرات” أصيب على إثرها مدافع دورتموند مارك بارترا، وحرمت مشاهدة لقاء يُنتظر أن يكون حامياً بين الطرفين الهجوميين واضطر الاتحاد الأوروبي على أثر ذلك تأجيل المباراة إلى اليوم الأربعاء في تمام الساعة ١٨:٤٥ مساء، وبالرغم من الخوف الذي ساد حول المكان إلا أن جمهور فريق الإمارة الفرنسية لم يتوانى عن تشجيع مستضيفهم والهتاف باسم المدافع بارترا وتمنّياتهم له بالشفاء العاجل .
جماهيرالفريق الأصفر ردّت الجميل بأكثر منه وبعد تأجيل المباراة رسمياً فتحت بيوتها لإستقبال مشجعي موناكو واستضافتهم هذه الليلة بعد التأجيل الذي حصل، وانتشرت العديد من الصور لجمهور الفريقين في منازل أهل دورتموند في لقطة لن تنساها عشّاق المستديرة.