أوروبا دوري أبطال أوروبا

تحليل : ليلة انتصار الطالب على استاذه

خرج ريال مدريد منتصراً على حساب مضيفه بايرن ميونخ بعد مباراة تقاسم فيها الفريقين السيطرة على المباراة . كما ذكرنا سابقاً في التحليل ما قبل المباراة دخل بايرن ميونخ اللقاء بخطته .المعتادة هذا الموسم 4-2-3-1 مع غياب ليفا عن خط الهجوم و تعويضه ب مولر مدعوماً بخط وسط خطير جداً بقيادة الونسو ، فيدال دفاعيا و الكانتارا ، روبين و روبيري هجوميا

انشيلوتي هو اكثر الاشخاص معرفةً بقيمة مودريتش و ثقله في خط الوسط على اعتبار أن لا احد يستطيع الخروج بالكرة كما يفعل الكرواتي، لذلك ركز الإيطالي في خطته على اللاعب في كل مرة يلمس فيها الكرة ابتداء من مولر ثم الونسو و اخيرا فيدال الذي لعب دور الظل طوال تواجد مودريتش في مناطق بايرن ميونخ . هذا الضغط قوض قدرة الريال على صنع اللعب لذلك لم نشاهد الكثير من الفرص و ظهر البايرن بشكل متوازن دفاعياً و خنق الريال حتى لحظة تسجيل الهدف.

التوازن الدفاعي لم يقابله توازن هجومي من البايرن حيث ان اول فرصة سنحت للتسجيل كانت من نصيب الفريق الضيف براسية بنزيما ثم جاء الهدف من ركلة ركنية و تبعها المحاولة الوحيدة التي نجح فيها روبين بتخطي مارسيلو و بعد اضاعة ضربة الجزاء لم نشعر بالبايرن بعد ذلك حتى نهاية المباراة . و مما لاشك فيه ان انشيلوتي مدرب عبقري و لكن ما زالت نقطة ضعفه هي الجمود التكتيكي في اللحظات التي يتوجب عليك ان تكون فيها مرناً ، هذه المرونة يتبعها المدرب الايطالي فقط في بداية الموسم و عند اول سلسلة انتصارات لا يحاول ان يغير شيء في فريقه حتى لو خسر و يستمر على نفس المنوال حتى نهاية الموسم ، الامثلة كثيرة على ذلك مع الميلان و خطة شجرة الميلاد 1-2-3-4، و مع الريال بعد اصابة مودريتش في الموسم الثاني استمر بخطة 3-3-4 رغم الخسارات التي تعرض لها مع معرفته انه لا يملك لاعب بمواصفات مودريتش على دكة البدلاء، و يكفي أنه واجه سيميوني مع الريال 11 مرة لم يتمكن من الإنتصار عليه سوى 4 مرات لنفس السبب و هو المرونة التكتيكية، وهذا بدا واضحاً بالأمس من خلال تغيراته بعد الطرد حيث لم يتنبه لدخول اسينسيو الذي حرر مودريتش، فأخرج الونسو ليفوز الريال بالمعركة التي خسرها في الشوط الأول دون ان ننسى ان الطرد والتبديلات كانا عاملان مهمان في خسارة هذه المعركة، فبقاء كيميتش على الدكة و الدفع ببيرنارت لم يحل مشكلة طرد مارتينيز، بل على العكس تماماً فقد البايرن كثافته في الوسط في حين لو دفع بكيميتش على حساب ريبيري و وضع الابا مع بواتينغ كقلب دفاع لحافظ على التوزان و على الاقل خرج بتعادل في انتظار مباراة الإياب .

زيدان الذي تعلم من درس نابولي دخل الدقائق الأولى بهدف امتصاص فورة البايرن و ملعب الاليانز ارينا، فوجدنا التزاماً كبيراً من الفريق للسيطرة على خطورة روبين و ريبيري على الاطراف و نجح في ذلك مع تناوب كاسيميرو ، كروس و راموس على مساندة مارسيلو في مواجهة النجم الهولندي، و على الطرف الاخر كان ريبيري في مواجهة كارفخال ، بيل و ناتشو و هذه نفس الطريقة التي اتبعها انشيلوتي عندما كان مدرباً للريال ضد البايرن و بعد الدقائق العشرة الأولى خرج الريال من مناطقه و هدد البافاري ثم تراجع إلى الخلف ، و على الرغم من تلقي الهدف حافظ الميرينغي على الهدوء الذي بدأ فيه المباراة .

هدف التعادل للملكي الذي جاء في توقيت مثالي مع بداية الشوط الثاني أعطى دفعة معنوية كبيرة للاعبين، و في هذه اللحظات تماماً فقد البايرن زمام المبادرة و جاءت فرصة بيل الذي تصدى لها نوير ببراعة و مع اصابة الويلزي فاجأ زيدان الجميع بنزول اسينسيو على الرغم من تواجد ايسكو، خاميس و موراتا على الدكة .

زيزو لم يشرك الشاب الاسباني عن طريق الصدفة بل لعدة أسباب اولها معرفته المسبقة ان انشيلوتي كان جاهز لدخول ايسكو او خاميس مسبقاً بحكم الفترة التي درب فيها كلا اللاعبين ، أما اسينسيو كان غامضاً لفكر الإيطالي بحكم ان مشاركاته قليلة هذا الموسم، و أي مدرب في العالم ما كان ليدفع به في مواجهة خصم بحجم البايرن، و فعلاً نجح زيدان في ذلك و دامت السيطرة للريال بحكم تحركات النجم الصاعد بحرية تارةً في الوسط و تارةً على الأجنحة، و كان خياراً لأي لاعب يمتلك الكرة مما ساعد في فك الضغط عن وسط الريال، و النقطة المهمة الثانية بعيداً عن حالة الطرد هي أن من شاهد اسينسيو هذا الموسم يجد انه في كل مباراة يلعبها يكون هو نقطة انطلاق الهجمات المرتدة للفريق بسرعته وقدرته على التحكم بالكرة، و هذا شيء افتقده الريال في الشوط الأول و لم يكن باستطاعة ايسكو او خاميس القيام بتلك المهمة، و نجح هذا الرهان المجنون من قبل زيزو بصناعة الهدف الثاني لرونالدو.

النقطة السلبية الوحيدة التي عابت الريال هي عدم استغلاله طرد مارتينيز لحسم اللقاء بهدف ثالث و عدم اشراك موراتا لاستغلال المساحات في عمق دفاع البايرن دون ان ننسى غياب التركيز امام المرمى و العملاق نوير الذي لولا تألقه لكانت آمال البافاري قتلت في عقر داره الاليانز ارينا.

على الرغم من هذه الخسارة للنادي البافاري إلا أنه يبقى من الأندية القليلة التي تستطيع قلب النتيجة في الإياب و إن كان على أرض الخصم، فهل تتوقع ذلك عزيزي القارىء؟