
يقول لك المثل: “من رحم المعاناة يولد الأمل”، ويأتيك مثلٌ آخر: “رُبَ ضارةٍ نافعة”، وفي مقولةٍ ثالثة: “كل من جد وواصل وثابر سيصل لحلمه”، هذا الكلام كله وغيره مما شابهه ينطبق على كل من يتفوّق على أوضاعه وظروفه سواء أكانت من يده أو ظروفاً تعسّفية فرضتها عليه الحياة.
في كل حربٍ شهدها التاريخ كانت هناك نقاط سلبية عديدة من خراب ودمار ومشاهد تقشعر لها الأبدان و تؤثر على حياة كثيرين من الذين عاصروها سواء داخل البلد المنكوب أو خارجه وتبقى ذكرياتها سوداء، لكن أن تتغلب على كل تلك الظروف وتخرج من قوقعتك والمكان المليء بالسواد والدخان الأبيض لترى الحياة بألوانها الجميلة وتبتسم لها لكي تعطيك أفضل ما لديها فكلامٌ كثير يقال في هذه الحالة.
لكن عندما يتعلق الأمر بالفتى السوري آدم علّاوي أو آدم متين تورك أو ميسي تركيا فهنا يجب إضافة كل الإبداع وأن نبحث في قواميس اللغة العربية عن صفات جديدة تكتب بحق صاحب الأربعة عشر ربيعاً. آدم علّاوي أجبرته أوضاع الحرب التي شهدتها بلده سوريا أن يخرج قسرياً منها بعمرٍ لا يسمح له سوى أن يذكر حيّه على أطراف مدينته حماه السورية، الحي المجاور لبيتي والذي صادفته يوماً هناك وهو يرواغ أبناء جيرانه بطريقة تلفت الأنظار ويجبر كل من يتابعه أن يترقب حركته القادمة، ولسبب بعد المسافات وعدم رغبة والده بالمجازفة أكثر وجد تركيا المجاورة أفضل مكان لصقل موهبة ابنه في أحد أكاديميات اسطنبول.
و بات حديث الصحافة في تركيا موهبة الفتى السوري وفاح عطرها في سماء بلاد الأناضول منذ أن وطأت قدماه مخيمات اللاجئين هناك وأصر القائمين على المخيم إرساله إلى اسطنبول لرعاية موهبته بشكل احترافي، ليحط الرحال في أكاديمية “أسلان غوكو” ليلعب مع فريقها لليافعين، و هناك بدأت أقلام الصحافة وعدسات الكاميرا بالبحث عن كل لقطة يقدّمها “ميسي تركيا القادم”، حيث فرضت موهبته على خبراء الكرة في تركيا مراقبته وعلى رأسهم المدرب فاتح تيريم “مدرب المنتخب التركي” الذي طلب أشرطة فيديو عنه لرؤيته منفرداً.
الجنسية التركية أصبحت متاحة
موضوع آدم وموهبته لم يتوقف عند الحد الرياضي وبين أسوار الأكاديميات التركية، بل وصل إلى القيادات السياسية في تركيا وبدأت قوانين الإقامة المقدمة للسورين تتهاوى أمام موهبته القادمة وتدخل الرئيس رجب طيب أوردوغان شخصياً لرعايته بعدما تم تسليط الضوء عليه من قبل عضو حزب التنمية والعدالة متين كولونك الذي قال عنه: “هذا الطفل سيخدم الكرة التركية”، على هذا الأساس تمّ منحه الجنسية التركية خوفاً من مطالب بعض الأندية الألمانية بخطفه ولكي يتسنّى له تمثيل المنتخبات التركية من الآن وتم وضع اسمه تحت قوائم الإتحاد التركي لكرة القدم.
أرقام تبوح بموهبته
علي كيسلر -أحد المدربين الذين أشرفوا على آدم في اسطنبول- صرّح أن الفتى السوري سجّل ٤٠ هدفاً مع فريقه خلال موسمٍ واحد وأنّه باقٍ مع ناديه لسنتين أو ثلاث، ٤٠ هدفاً للاعب لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره هو رقم لا يمكن تجنّبه بل يجب الوقوف عنده كثيراً وربما تكون هذه بداية صعود نجم جديد في سماء الكرة العالمية بأصول سورية وهوية تركية. آدم علّاوي أو آدم متين تورك- كما أصبح اسمه بعد تجنسيه- ربما سيكون واحداً من المواهب السورية التي خرجت للعالمية أمثال يسرى مارديني و كثيرين غيرها ممكن سيذكر الناس أنهم كانوا نوراً أشع في زمن الظلمات.