فرنسا انكلترا

المال والتدريب وكرة القدم

بعد الثورات المالية في عالم الأندية الاوروبية تحولت ساحة كرة القدم إلى سباق و مزاد للتعاقد مع أبرز نجوم الرياضة وبأرقام فلكية، وهو ماكان له التأثير على العديد من مشاريع الاندية لتحول خططها الطويلة المدى إلى خططٍ موسمية على أبعد تقدير.
فبات كل نادٍ يبحث عن النجاح السريع و الآني و بأسهل الطرق خصوصاً في حال توفر الاموال، وذلك عن طريق الدخول بميركاتو قوي و التوجه لسد النواقص في الفريق بأهم اللاعبين المتوافرين، و من ثم التفكير بالمدرب ودوره وتطابق عقليته وأسلوبه مع الصفقات الجديدة للنادي، وذلك دون النظر إلى مستقبل الفريق أو غاياته على المدى البعيد، فنرى الآن كيف أصبح اطول مشروع اوروبي حالي يمتد إلى 3 مواسم أو 4 في أحسن الأحوال، من ثم نجد بعدها أن الفرق قد وصلت بمشروعها الى الحضيض و تبدأ عملية بناء جديدة مع مدرب جديد و الكثير الكثير من النجوم و الأموال.

بطبيعة الحال فإن كل ما سبق أثر على جودة ومستوى كرة القدم بسبب العمر القصير لمشروع المدرب، لذلك أصبح المدربون أنفسهم يبحثون عن النتائج السريعة التجارية دون الالتفات الى الأداء او شخصية الفريق وأسلوبه، فنرى على سبيل المثال مدرباً مثل زيدان رغم نجاحاته يتلقى سيلاً من الانتقادات لابتعاده عن ثنائية الأداء و النتيجة، واكتفائه “معذوراً” بالنتائج لعلمه بوجود جلاد قاس خلفه حاملاً سلاح فسخ العقد عند أول فشل، حاله كحال اغلب إدارات الأندية الاوروبية، مثالٌ آخر على ذلك هو نادي برشلونة وكيفية تعاطيه مع لويس إنريكي، ولربما كان لديهم بعض الحق بسبب فشل الأخير استراتيجياً في تكوين خطة وشكلٍ للفريق يدوم طويلاً كما فعل غوارديولا.

المعتزل السير اليكس فيرجسون والقدير ارسين فينغر هما أمثلة رائعة عن المشاريع و الخطط الطويلة المدى التي عملت عليها إدارات أنديتهم في زمن كان يسمح بمشاريع كهذه على عكس عصرنا الحالي، ولنقدم الفكرة بشكلٍ أوضح،  سنقوم باختلاق حكاية خيالية تقول: لنفترض بزوغ نجم مدرب شاب اسمه اليكس فيرجسون و قلنا انه سيستلم فريقاً اوروبيا كبيرا أو متوسطا، فهل نستطيع اقناع الادارة أو جعلها تصدق ان عليها انتظار ٥ مواسم عجاف بدون ألقاب وبعدها الانطلاق الى العالمية و وضعها بين أكبر و أهم اندية العالم ؟! أكاد اجزم تماماً انه لا توجد إدارة حالية لأي فريق ستقبل بهكذا مغامرة، لا بل ستقيله بعد ثاني موسم بأحسن الأحوال، ولكن جميعنا نعلم ماذا فعل السير بعد 5 مواسم فقيرة مع اليونايتد!

أشفق على مدرب كغوارديولا انه أتى بثوريته و عقليته و ابتكاره في زمن مستعجل على كل شيء، زمن لا يقبل الانتظار و لا يمهل المدربين ذوي المشاريع التي تحتاج لعمل كثير للوصول الى الشكل الامثل و النجاح الاعظم، مدربين مثل بيب لو ظهروا في الثمانينات لخجلنا ذكر اسمائهم دون تسبيقها بلقب تعظيم.